مفهوم حوادث الطائرات


 

حادث الطيران ... نوعاً وعدداً

 

 

مقدمة:

 

تحدِّد المنظمة العالمية للطيران المدني (الإيكاو) حادث الطيران في ملحقها الثالث عشر على أنه: حدث مرتبط بتشغيل الطائرة، يقع بين اللحظة التي يصعد فيها أي شخص إلى متن الطائرة بنية السفر، واللحظة التي يتم فيها خروج كل المسافرين من هذه الطائرة، ويتعرض من جرائه شخص أو أكثر إلى الوفاة أو جروح خطرة، أو تتعرض من جرائه الطائرة إلى أضرار دائمة، أو هيكلية، أو تعتبر من جرائه الطائرة مفقودة، أو في موضع لا يمكن الوصول إليه.

تشير دراسة شملت (1،843) حادثة طيران وقعت بين عامي 1950 و2006م، ونشرتها موسوعة ويكيبيديا إلى أن المسؤولية عن هذه الحوادث توزعت كالآتي: /53%/ خطأ بشري من القائد، /21%/ عطل فني، /11%/ الأحوال الجوية، /8%/ أخطاء بشرية مختلفة (المراقبون الجويون، الصيانة، خطأ في شحن الأمتعة، سوء تفاهم لغوي، تلوث الوقود….)، /6%/ تخريب متعمد (متفجرات، خطف، وإسقاط بالأسلحة النارية…)، 1% أسباب أخرى، وتقترب هذه الأرقام كثيراً من الأرقام المستخلصة من دراسة أخرى أجرتها شركة بوينغ وشملت كل الحوادث في العالم ما بين 1996 و2005م. وتوزعت فيها المسؤوليات على الشكل الآتي: /55%/ خطأ بشري من طاقم الطائرة، /17%/ عيب في الطائرة، /13%/ الأحوال الجوية، /7%/ سوء أداء بشري مختلف، /5%/ المراقبون الجويون في المطارات، /3%/ صيانة. إذاً الخطأ البشري هو على رأس اللائحة، وعلى الرغم من أن ذلك غير قابل للمعالجة بشكل جذري -لأن الخطأ جزء من طبيعة الإنسان نفسه- فإن شركات النقل وتلك المصنعة للطائرات، تستمر في تحسين لائحة الشروط المسلكية والصحية المفروضة على الطيّارين مثل عدد ساعات النوم، وعدم تعاطي الممنوعات، وتحديد ساعات الطيران التي يسمح بها يومياّ لقائد الطائرة، بحيث لم تعد تزيد على الساعات العشر، وإجراء دورات إعادة تأهيل وفحوصات طبية دقيقة قبل تجديد رخص الطيارين. وقد أدت هذه التدابير إلى تخفيض الأخطاء البشرية بشكل ملحوظ، واستناداً إلى تفاصيل دراسة بوينغ التي أشرنا إليها، نلاحظ انخفاض مسؤولية الأخطاء البشرية من /70%/ في عام 1988م، إلى /56%/ في عام 2004م. والواقع أن هذه الأرقام، وهي كلها نسب مئوية من أعداد صغيرة، تبعث على الكثير من الاطمئنان تجاه مصادر القلق الشائع: المحركات والأعطال الميكانيكية، كما أن الأخطاء البشرية الكبيرة في نسبتها المئوية إلى عدد الحوادث، تصبح أصغر من أن تذكر بالنسبة إلى أعداد الرحلات الخالية من الأخطاء وهي بالملايين، وقد ظهر في العقود الأخيرة خطر يتمثل في العمليات الإرهابية التي تستهدف الطائرات خطفاً أو تفجيراً. وفي هذا المجال، حققت التدابير الأمنية إنجازات ملحوظة من خلال تزويد قمرة قيادة الطائرة بباب لا يفتح إلا من الداخل، وحضور عناصر أمن بين الركاب مؤهلين للتعامل مع أية مسألة أمنية وضبطها بمجرد ملاحظتها، كما أن التدابير الأمنية في المطارات ازدادت صرامة بشكل ملحوظ كما لاحظ ذلك كل من سافر جواً خلال السنوات الأخيرة. فمن مصانع الطائرات ومختبراتها، إلى مستودعات أقسام الصيانة في المطارات، مروراً بالتدابير الأمنية، والأنظمة والقوانين، يبقى الهاجس بسلامة الطيران هو المقدم على كل ما عداه، والاهتمام بهذا الهاجس هو ما يجعل الطائرة اليوم وسيلة نقل آمنة أكثر من السيارة، التي لا تثير قلق أحد، بنحو /22/ مرة؛ فالسلامة هي إحدى أهم أولويات الطيران ويكمن الغرض من الخطة العالمية للسلامة الجوية في الحد من حالات الوفاة ومخاطر الوفيات بصورة مستمرة من خلال توجيه العملية المتمثلة في وضع استراتيجية منسقة للسلامة الجوية، وإعداد خطط وطنية وإقليمية للسلامة الجوية وتطبيقها، ويسهم نظام الطيران الآمن في التنمية الاقتصادية للدول وصناعاتها وتساعد الخطة العالمية للسلامة الجوية كل دولة على تطبيق نظامها الخاص بمراقبة السلامة من خلال نهج يقوم على تقييم المخاطر لإدارة السلامة بالإضافة إلى نهج منسق للتعاون بين الدول والأقاليم والصناعة، وتشجع الدول على دعم وتنفيذ الخطة العالمية للسلامة الجوية بوصفها الاستراتيجية التي تضمن التحسن المستمر للسلامة الجوية على المستوى العالمي.

 

 

رابط المقال

 

إعداد محمود السعيد

إجازة في الإعلام / جامعة دمشق