للمراقب الجوي دور مهم من أجل سلامة الحركة الجوية، وهو الجندي المجهول الذي تقع على عاتقه مهمات جسام، تتمثل في تنظيم حركة عبور الطائرات، وهبوطها وإقلاعها، وسنتحدث في مقالنا هذا عن العوامل التي تؤدي إلى حوادث الطيران ونسبة أخطاء المراقبة الجوية التي تحدث أحياناً.
بالرغم من التقدم العلمي وارتفاع جودة أنظمة الأمان في الطائرات، إلا أن حوادث الطيران مستمرة رغم قلتها، وغالباً ما تجذب الأنظار إليها بسبب ارتفاع عدد الضحايا، ومع دخول العالم الألفية الجديدة، تتزايد حوادث الطيران بشكل غير مسبوق، كما يرتفع عدد الضحايا، بالرغم من التقدم التكنولوجي الكبير في مجال الطيران. ولقد شهد العالم وقوع أكثر من مائة حادثة جوية، منذ وقوع أول حادث جوي في نيسان عام /1922/ نتيجة اصطدام طائرة إنكليزية، مع طائرة لشركة فرنسية في أجواء فرنسا، متسببة بمقتل سبعة أشخاص، وعُدَّت هذه أول حادثة في تاريخ الطيران المدني. وبحسب تقارير الاتحاد الدولي للنقل الجوي، والمنظمة الدولية للطيران المدني، فإن أسباب حوادث الطيران تختلف وفقاً لأسباب بشرية مثل تصرف خاطىء من قبل أحد الأفراد (طاقم الطائرة، أو الفنيين الأرضيين، أو أخطاء الرقابة الجوية، أو أسباب طبيعية مثل سوء الأحوال الجوية المفاجئة).
أسباب حوادث الطيران:
تضمن تقرير إحصائيات حوادث الطيران منذ عام /1950/ حتى عام 2010 أن أسباب حوادث الطيران تعود إلى:
1-خطأ الطيار:
في الوقت الذي تتطور فيه تقنيات الطائرات، يظل الطيار هو المتحكم الرئيس بها، وكانت أخطاء الطيارين السبب فيما نسبته /50%/ من الحوادث، وربما تطلب الأمر الكثير من المتابعة والإدارة التي ينسى عدد من الطيارين خطواتها احياناً، ولكن في جميع الأحوال يبقى الطيار هو خط الدفاع الأخير الذي ينقذ الركاب من أي خطر بحسب قدرته، فلا يوجد كومبيوتر يمكنه إنقاذ الطائرة ومنع سقوطها، وبالتالي يبقى خطأ الطيار يحمل النسبة الأكبر في سجل حوادث الطيران.
2-الأعطال التقنية:
يتسبب هذا العامل فيما نسبته حوالي 20% من الحوادث، وبالرغم من وجود تعديلات مستمرة في تصاميم الطائرات، إلا أن الأعطال الفنية على مدى نصف قرن مستمرة، وكانت السبب في كوارث عديدة في مجال الطيران، ويعود السبب لصعوبة قراءة تعليمات الصيانة من قبل العمال أحياناً.
3-العوامل الجوية:
تسببت الظروف الجوية فيما نسبته 10% من حوادث الطائرات، أشهرها الحادث الذي ذهب ضحيته كل لاعبي فريق مانشستر يونايتد في عام /1958/ وربما لم يتمكن الطيار من تخطي عاصفة جوية وينجح بالهبوط، ولكن في حالات أخرى كحالة الطائرة السعودية التي كاد يضربها البرق، فإن الحظ هو من وقف بين الطائرة وبين وقوع الكارثة.
ومن بين النظريات الحديثة في التحقيق في حوادث الطيران نظرية The ModeI التي تبناها الأيكاو منذ السبعينيات، هذه النظرية التي تذكر أن البيئة هي من أهم العوامل المساهمة في حوادث الطيران، وكذلك نظرية (جيمس ريسون) في الحوادث تذكر البيئة كأحد العوامل المساعدة في حوادث الطيران، ويذكر أن العالم قد سبق وشهد حوادث طيران كان الطقس له الدور الكبير في التسبب بوقوعها، وآخرها كان حادث الطائرة الأثيوبية في لبنان.
4-التخريب المتعمد:
يتسبب فيما نسبته 10% من الحوادث وغالباً ما يقع في حالات اختطاف الطائرات، وهو ما يعني أن الإرهاب نسبته تقارب نسبة ضرب الطائرة بصاعقة أو سقوطها في عاصفة، ولا توجد إجراءات تمنع تخريب جسم الطائرة بنسبة 100% حيث العامل البشري هو الأساس.
5-أخطاء بشرية أخرى:
يأتي العامل البشري الذي لا يرتبط بالطيار أو الإرهاب في المرتبة الخامسة وهي أخطاء تقع غالباً على عاتق أبراج المراقبة وعمال نقل الحقائب حيث يضعون حمولة زائدة، أو حتى فشل المهندسين في التأكد من سلامة هذه الحقائب و أوزانها، والتأكد من سلامة زجاج الطائرة، وكانت لقلة النوم مكانة بارزة في هذا حيث كان العديد من العمال وموظفي المطارات يرغبون في النوم مما يتسبب في وقوع أخطاء من قبلهم. والأخطاء البشرية المتسببة في حوادث الطائرات متنوعة، وينسب إليها غالبية الحوادث، فالخطأ البشري غالباً يتداخل مع كل الأسباب الأخرى، فحتى الكوارث الطبيعية قد يكون للخطأ البشري دور في عدم القدرة على التعامل معها والتغلب عليها، كنقص في خبرة الطيار، أو سوء تقدير للموقف، أو تعليمات خاطئة من المراقب الجوي.
كما لعبت ثقافة السلامة السائدة لدى العنصر البشري في عالم الطيران دوراً في وقوع الكثير من الحوادث، وهذا ما حدث في حادثة مطار ميلان لينات في إيطاليا عام 2001 والتي وقعت نتيجة اصطدام طائرة بوينغ 2 MD.87 مع طائرة Cessna505 واللتان كانتا في وقت واحد على نفس المدرج بالخطأ، والحادث يعود إلى العامل البشري، لأن قائد طائرة Cessna اختار بالخطأ التاكسي نظراً لضعف الرؤية، كما انتهى مجلس التحقيق في الحوادث السويدية عام 2004 إلى أن المطار يفتقر إلى متطلبات السلامة الضرورية، كما أن أوجه القصور في التعليمات والتدريب وظروف العمل أدت إلى عدم قدرة المختصين على السيطرة اللازمة على حركة الطائرات على الأرض، إضافة إلى افتقار المطارإلى نظام إدارة سلامة العمل، وقد أوصت اللجنة في تقريرها إلى إدخال إجراءات الإبلاغ عن الحوادث والانحرافات وتحسين شروط العمل من أجل التعامل الصحيح معها. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية ضربت قطاع الطيران السويسري العديد من حوادث الطيران الشديدة، فقد بدأت سلسلة الحوادث المأساوية بتحطم طائرة سويسرية MD.11 في هاليناكس في العام 1988، أعقب ذلك حادث مميت وقع في كروسيرساب بالقرب من باسينويل في كانون الثاني من عام 2000، وكروسيرأفرو بالقرب من باسردورف في شهر تشرين الثاني عام 2002، وأخيراً في /1/ تموز عام 2002، تحطمت طائرتان مدنيتان كبيرتان بالقرب من أو بيرليجين "المانيا" بعد اصطدامهما في الجو، وفي نفس الوقت أبلغ المكتب السويسري الوطني للتحقيق في حوادث الطيران عن حالات مختلفة من الحوادث وتحديد أوجه القصور في معدات المراقبة الجوية، وقد أدت هذه الأحداث إلى تصور أنه قد تكون هناك أسباب هيكلية، مما يؤدي إلى اتجاه سلبي عام للسلامة في نظام النقل الجوي السويسري.
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال مالذي يجعل طائرة ما أكثر أماناً من الأخرى؟.
وهل هناك أنواع من الطائرات أفضل من أنواع أخرى من حيث السلامة؟.
في الحقيقة، وبعيداً عن متانة الهيكل، يوجد عاملان مختلفان للحكم على سلامة الطائرة وتفضيل طائرة على أخرى.
الصيانة وسجل الامان للطائرة:
إن إصدار حكم على أي نوع من الطائرات الأكثر أماناً في العالم ليس بالأمر السهل، لكن في حال كانت جميع الطائرات تخضع لذات برامج ومعايير الصيانة، وتطير بذات الظروف، فيسهل تصنيفها وفقاً لسجل سلامتها لدى مختلف شركات الطيران، وذلك بعد مراجعة الإحصائيات حول عدد الكوارث التي أصابت كل نوع.
ويتضح لنا جلياً أن أسباب حوادث الطيران متنوعة ومتداخلة، وإن كان الخطأ البشري يستغرق النسبة الأكبر فيها، وحتى الظروف الخارجية كأحوال الطقس والأعطال الفنية يتداخل فيهما الخطأ البشري، فعدم قدرة قائد الطائرة مثلاً على التعامل مع الظروف الخارجية الطارئة- لعدم الخبرة مع إمكانية تفادي تلك الظروف في حالات مماثلة- يجعل من الخطأ البشري السبب المباشر في وقوع الحادث، لذا غالباً يكون الخطأ البشري العامل المشترك في معظم الحوادث، وبالتالي من الضروري مراعاة الدقة في اختيار وتدريب العاملين في هذا القطاع الهام، ورغم ذلك وكما أكد البعض، فإن حوادث الطيران لم تتوقف حتى يومنا هذا، ولن تتوقف في المستقبل القريب مع كل الإجراءات والاحتياطات المتخذة، والتي جعلت من الطيران أأمن وسيلة على الإطلاق مقارنة بجميع وسائل النقل الأخرى، البرية والبحرية، لقد وصل العالم إلى نسبة /1.5/ حادث لكل مليون رحلة طيران، وهذه الدرجة من الأمان لم يتم التوصل إليها من فراغ إلا نتيجة للدقة في تحليل الحوادث السابقة وأخذ الدروس والعبر منها.
نسبة أخطاء المراقبة الجوية في حوادث الطيران
أشرنا إلى أن الخطأ البشري يمثل غالبية الأسباب التي تؤدي إلى حوادث الطيران، وعرفنا أن خطأ قائد الطائرة يشكل لوحده نسبة / 50%/ من أسباب حوادث الطيران عموماً، ونسبة تزيد عن/80%/ من الأخطاء البشرية التي قد تقع من قبل باقي الأشخاص في منظومة الحركة الجوية.
وهنا لابد من التطرق إلى نسبة أخطاء المراقب الجوي في وقوع الحوادث باعتباره صمام أمان سلامة الحركة الجوية، وهو الجندي المجهول ضمن فريق العمل الذي يقود منظومة السلامة، لذلك تساءل البعض، هل تقع حوادث طيران ناجمة عن أخطاء المراقبة الجوية؟.
هناك عدد قليل من الحوادث وقع نتيجة أخطاء في المراقبة الجوية مع العلم أن البعض منها كان اصطدامات أرضية وجوية مأساوية، فالسماح للطائرة بالدخول للمدرج من قبل المراقب الجوي بينما هناك طائرة تهم بالإقلاع أو الهبوط على المدرج نفسه يعد من أكثر أخطاء المراقبين شيوعاً، ويتم تفادي الغالب منها من قبل الطيارين، وكذلك السماح لطائرة بالمرور في ممر جوي بينما تكون هناك طائرة معاكسة على الممر ذاته والارتفاع ذاته، إلا أن أجهزة منع التصادم الجوي التي تم تركيبها حديثاً وأصبحت إلزامية في جميع الطائرات التجارية منعت وقوع الكثير من مثل هذه التصادمات، حيث تصدر الأجهزة إنذاراً مبكراً لقائد الطائرة بتفادي الاقتراب من الطائرات الأخرى في المجال نفسه وتصدر إنذاراً لقائد الطائرة بما يجب أن يقوم به عندما يكون الاقتراب لصيقاً بالطائرة الأخرى، ومع ذلك فدور المراقب الجوي لا يتوقف عند ذلك الحد بل لا يزال يؤدي دوراً أساسياً في إزالة الكثير من المخاطر الخارجية عن قائد الطائرة.
ويوضح خبراء المراقبة الجوية أن حوادث اصطدام الطائرات تأتي غالباً نتيجة تقارب المسافات بين الطائرات فإذا لم يكن المراقب الجوي منتبهاً للمسافات فإن ذلك يمكن أن يؤدي إلى التصادم بينها خاصة في الطرق الجوية، ولذلك فإنه بالنسبة للفواصل بين الطائرات توجد طريقتان أحدهما زمنية حيث يكون هناك فاصل زمني بين الطائرات ما بين /5-15/ ميلاً بين كل طائرة وأخرى، وهنا يثار تساؤل هل يمكن تفادي أخطاء المراقب الجوي قبل وقوع كارثة جوية؟.
أكد خبراء الطيران أنَّ حوادث الطائرات تزداد كلما ازدحمت الأجواء العالمية، فعندما تتلاقى طائرتان على بعد /300/ متر فقط يقال إنهما تقبلان بعضهما قبلة الموت، وللأسف فإن هذه القبلات قد تزداد نظراً لازدحام الطرق الجوية التي أصبحت مشبعة بالطائرات وأكثر ازدحاماً من الطرق الأرضية وربما لأسباب فنية تقع الحوادث ولكن أخطاء العنصر البشري تظل الأكثر حدوثاً، وإذا كانت مهنة المراقب الجوي من المهن التي لا تحتمل الخطأ فإن هناك بعض الأخطاء التي تقع من قبل ضباط المراقبة بسبب ازدحام الحركة الجوية، وربما لأسباب أخرى. وقد يكون الخطأ بسيطاً يمكن تداركه قبل حدوث كارثة جوية، ومن بين هذه الأخطاء التي يمكن أن تحدث أن يعطي المراقب الجوي التصريح لطائرة ما بالإقلاع إلى ارتفاع معين فتأخذ طائرة أخرى هذا التصريح بالارتفاع بطريق الخطأ وترتفع بدلاً من الطائرة المقصودة، وفي هذه الحالة إذا لم ينتبه المراقب الجوي فوراً إلى الطائرة التي حدد لها الارتفاع، ففي هذه الحالة يمكن أن تحدث كارثة، اذاً يجب على المراقب التأكد تماماً من وصول الرسالة التي يقصدها إلى الطائرة المعنية وكذلك التأكد من أن قائدها قد تلقى الإشارة دون لبس أو غموض، ومن بين الأخطاء البشرية أيضاً في المراقبة الجوية عدم التنسيق بين المواقع المختلفة كأن يعطي موقع معين في المراقبة الجوية ارتفاعاً معيناً دون أن يبلغ زملاؤه في الموقع الآخر للمراقبة والقادمة إليه هذه الطائرة وهذا ما يؤدي إلى حدوث تصادم.
وهذا ما حدث في حالة التصادم الجوي عندما أقلعت طائرة الخطوط السعودية رحلة رقم /763/ من مطار نيودلهي متوجهة إلى مطار الظهران الدولي، وفي الوقت نفسه كانت طائرة الشحن التابعة لخطوط كازاخستان الجوية تستعد للهبوط في مطار نيودلهي أعطي الأذن بالهبوط لمستوى /15000/4600/ قدم على بعد /119/ كيلو متر من المطار، وفي هذه اللحظة كان قائد الطائرة السعودية تلقى الاذن من برج المراقبة بالارتفاع لمستوى/14000/ قدم على نفس المسار الجوي للطائرة الكازاخستانية ولكن من الاتجاه المعاكس بعد ثمان دقائق أبلغ قائد الطائرة الكازاخستانية برج المراقبة بوصوله إلى ارتفاع/15000/ قدم، عندها أبلغ برج المراقبة بالانتباه للطائرة السعودية القادمة من الأمام على بعد /14/ ميلاً والإبلاغ بمجرد مشاهدتها.
لم يتلق برج المراقبة أية إجابة حين نادى الطائرة الكازاخستانية الرحلة /9ي/1907/ مرة أخرى للتحذير من وجود الطائرة السعودية في نفس المسار الجوي وعلى مسافة قريبة كانت الطائرتان قد اصطدمتا في الجو باصطدام الجناح الأيمن للطائرة الكازاخستانية بمؤخرة وذيل طائرة الخطوط السعودية الرحلة رقم /763/ مما تسبب في انشطار وتفكك الطائرة مباشرة، بينما بقي جسم طائرة الخطوط الكازاخستانية /9ي1907/ كما هو لحين اصطدامها بالأرض، وجميع من كانوا على متن الطائرتين قتلوا مباشرة. وكثيراً من حوادث الطيران تفقد فيها مئات الأرواح يقال أحياناً إن سببها المراقب الجوي وعندما يتم البحث عن الأسباب نجد أن المراقب الجوي إما مرهق أو يعاني من ضغط نفسي نتيجة مشاكل عائلية أو مادية أو تعدٍ على أسرته كما حصل في حادثة زغرب في يوغسلافيا في الماضي، فالمراقب الجوي يجب ألا تزيد عدد ساعات عمله المتواصلة عن ساعتين ثم راحة، وهكذا، ولا يسمح لمراقب جوي يعاني من مشاكل أن يمسك السيطرة على الحركة الجوية، ويعد هذا من تعليمات السلامة التي يجب أن تتبع من قبل كل الدول.
يتبين من العرض السابق أن المراقب الجوي له يد وإن كانت ليست اليد الطولى في حوادث الطيران، ومعظم حوادث الطائرات التي ترجع إلى المراقب الجوي نتيجة وقوع تصادم بين طائرات سواء في الجو أو على الأرض نتيجة وجود الطائرات على مستو واحد من الارتفاع أو مسار واحد، وهذه أهم وأول مهمة للمراقب الجوي وفقاً للملحق رقم/11/ من اتفاقية النقل الجوي.
وللوقوف على نسبة أخطاء المراقب الجوي في حوادث الطيران، ففي دراسة أجريت لحصر أسوأ مائة حادثة طيران في العالم تم حصر/102/ حادثة. وبالرجوع إلى أسباب هذه الحوادث تبين أنها تعود إلى /22/ سبب رئيسي، تمثل أخطاء المراقبة الجوية فيها بنسبة /19%/ من إجمالي حوادث الطيران. ومن هنا يتضح أن نسبة أخطاء المراقب الجوي ليست بالقليلة بل هي نسبة مزعجة ومقلقة تقع من قبل أشخاص يعتبرون صمام الأمان لسلامة الحركة الجوية، لذلك لا بد من تحليل طبيعة الأخطاء وبخاصة المتكررة منها. ومثل ذلك وقع نتيجة تصادم جوي في سماء أوكرانيا في 11 آب عام 1979، بين طائرة إيرفلوت القادمة من أوكرانيا إلى بيلا روسيا، وطائرة شركة إير فلوت مولدوفا القادمة من روسيا متجهة إلى مولدوفا، حيث كانت الطائرتان على ارتفاع واحد وهو /8400/ متر، وقد لاحظ المراقب الجوي أن الطائرتان على ارتفاع واحد في مسارات متقاطعة، فأصدر أوامره لقائد طائرة شركة إيرفلوت بالارتفاع إلى /9000/ متر، وافترض المراقب استجابة قائد الطائرة، بعد سماعه صوتاً مكتوماً، وهو ما لم يحدث، فقد كان الصوت عبارة عن تسجيل إذاعي يخص رحلة أخرى حتى وقعت الكارثة وقضى كل من كان على متن الطائرتين نحبه.
وأوضحت الإحصائيات عدد الحوادث أو الجرائم أو الأفعال غير المشروعة التي ارتكبت ضد الطائرات أو ضد باقي عناصر النقل الجوي الأخرى التي تكمن مخاطرها في تعريض حياة الأفراد للخطر، والتي يقع فيها المراقبون الجويون، وكذلك التعرف على أسباب وقوعها، والعمل على تفاديها، سواء كانت متعلقة بمعوقات مرتبطة بشخص المراقب الجوي وبيئة العمل التي يعمل فيها، أو كانت متعلقة بأدوات العمل التي يستخدمها المراقب الجوي.
ومن الملفت للنظر أن المدد التي تستغرقها التحقيقات في حوادث الطيران طويلة جداً، من خلال إجراءات قضائية طويلة يتعذر معها بيان الحقيقة في الوقت المناسب لتعويض المتضررين من حوادث الطيران وغالباً ما تسفر عن خسائر فادحة في الأمتعة والأرواح، لذلك نرى ضرورة نشر ثقافة اللجوء للتحكيم في الفصل بقضايا حوادث الطيران لتحقيق السرعة المطلوبة في إنجاز القضايا المتعلقة بهذه الحوادث، فضلاً عن اتباع السرية التي يتميز بها التحكيم والتي تكفل الحماية اللازمة لسمعة وحقوق الأطراف جميعها.
المراجع:
1- د.جمال سيد خليفة محمد- المسؤولية المدنية الناشئة عن أعمال المراقبة الجوية (رسالة دكتوراه – جامعة حلوان).
2- جريدة الرياض السعودية مقال بعنوان: المراقب الجوي رادار الحماية بتاريخ 16/8/2011.
3- مقال بعنوان "عالم المطارات مهنة لا تحتمل الخطأ..ضابط المراقبة الجوية كيف ينظم المرور في الأجواء- جريدة الاهرام العدد /46692/ 2014.
4- د. إدوار جورج حنا، المراقبة الجوية صمام الأمان في سلامة الحركة الجوية.
- تقرير بعنوان أبرز /5/ أسباب لسقوط الطائرات في العالم ، موقع دوت مصر في 12/5/2016.
إعداد: مالك الخضري
إجازة في الإعلام/ جامعة دمشق